Subscribe:

الاسطورة

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

هل صُلب السيد المسيح فعلاً، ولماذا؟


هل صُلب السيد المسيح فعلاً، ولماذا؟

هل صُلب السيد المسيح فعلاً، ولماذا؟

و قتلوه و صلبوه و ما شُبّه لهم ..


- إن هذا السؤال مهم جداً، لأن حول صلب المسيح وقيامته ترتكز تعاليم الديانة المسيحية. والكتاب المقدس الذي يعتبر مصدر الإيمان المسيحي، يؤكد لنا حقيقة صلب المسيح، كما يؤكد أن المسيح نفسه صُلب، ولم يُصلَب عنه أي إنسان آخر. وبحسب التعاليم المسيحية، فإن المسيح لم يُصلب عبثاً، لأن لصلبه مغزىً روحياً عميقاً، وهو إتمام عمل الفداء الذي أتى من أجله إلى العالم، وإجراء المصالحة بين الله القدوس والإنسان الخاطئ، كي يتبرر الخطاة بواسطة صلبه وموته نيابة عنهم. 

وعندما نتكلم عن صلب المسيح وموته فداء عن الجنس البشري لابد من الرجوع إلى جذور الموضوع ليتسنى لنا فهم الحقيقة الأساسية التي يرتكز عليها صلب المسيح. فما لا شك فيه بالنسبة للعقيدة المسيحية أن المسيح صُلب. أما لماذا صلب، فهذا ما سنحاول إيضاحه. إذ أن موت المسيح على الصليب كان بمثابة كفارة، أو بمثابة ذبيحة لمغفرة الخطايا. فالمسيح البار مات على الصليب بدلاً من الناس الخطاة حتى يتبرروا هم بموته، أي حتى يتحرروا أو يتخلصوا من الخطية. فالخطية دخلت العالم بواسطة آدم الأول، والخلاص من الخطية هو بواسطة آدم الثاني، المسيح. كما جاء في الكتاب المقدس "لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع" (1كورنثوس 15: 22). 

وعندما نرجع إلى سفر التكوين نقرأ قصة الخليقة ومن ضمنها قصة تعدّي أبوينا الأولين آدم وحواء شريعة الله. فنلاحظ أن آدم وحواء أخطأا منذ بداية الخليقة، وبعصيانهما ومخالفتهما شرائع الله دخلت الخطية العالم. ومفاد ذلك كما ورد في سفر التكوين أنه بعدما خلق الله آدم وحواء ووضعهما في جنة عدن، أوصاهما أن يأكلا من كل شجر الجنة ما عدا شجرة معرفة الخير والشر. ولكن آدم وحواء لم يطيعا، بل عصيا أوامر الله وأكلا. وبسبب ذلك، غضب الله عليهما وعلى الحية التي أغرت آدم وحواء، وقال للحية: "ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية، على بطنك تسعين وتراباً تأكلين كل أيام حياتك. وأضع عدواه بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (تكوين 3: 14-15). وغضب الله على آدم وحواء وطردهما من الجنة. من هنا بدأت خطية الإنسان، فأصبح الناس يتوارثون الخطية التي ورثوها عن أبويهم آدم وحواء. وهنا كان الوعد من الله بأنه سيرسل المسيح من نسل المرأة أي من عذراء وليس من نسل رجل، ليسحق رأس الحية، أي الشيطان. ويشير الكتاب المقدس بهذا الصدد إلى أن كل الناس خطاة فيقول: "الجميع أخطؤوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 3: 23). ونقرأ أيضاً في رسالة رومية: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع" (رومية 5: 12). وبما أن الجميع خطاة لا يستطيعون تتميم وصايا الله وناموسه، فقد حاول البعض منهم في العهد القديم أي قبل مجيء المسيح التكفير عن خطاياهم بطرق مختلفة. 

مثلاً: 

قدم سيدنا نوح ذبائح لله، فيقول الكتاب المقدس: "وبنى نوح مذبحاً للرب، وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح" (تكوين 8: 20). ونلاحظ أن النبي موسى أيضاً عليه السلام قال لفرعون ملك مصر قديماً، عندما لم يرد أن يعطيه ماشية بني قومه: "أنت تعطي أيضاً في أيدينا ذبائح ومحرقات لنصنعها للرب إلهنا فتذهب مواشينا أيضاً معنا" (خروج 10: 25-26). ونقرأ في سفر اللاويين ما يلي: "إذا أخطأ رئيس، وعمل بسهو واحدة من جميع مناهي الرب إلهه، التي لا ينبغي علمها وأثم، ثم أعلم بخطيئته التي أخطأ بها يأتي بقربانه تيساً من المعز ذكراً صحيحاً، ويضع يده على رأس التيس ويذبحه في الموضع الذي يذبح فيه المحرقة أمام الرب، أنه ذبيحة خطية" (لاويين 4: 22-24). كما أن الله عندما أراد أن يختبر إيمان إبراهيم الخليل عليه السلام، طلب منه أن يقدم ابنه ذبيحة له. وعندما همّ إبراهيم يذبح ابنه ، افتداه الله، فأرسل كبشاً قدّمه إبراهيم ذبيحة لله بدل ابنه. والجدير بالذكر أن الذبائح والقرابين ترجع إلى عهد بعيد جداً، حينما قدم قايين هابيل ولدا آدم وحواء ذبائحهما لله (تكوين 8: 20). كما أن المؤمنين في العهد القديم اعتادوا أن يقدموا لله ذبائح، كل بيت يقدم حملاً أي خروفاً بلا عيب. 

علاقة هذه الذبائح بموت المسيح : 

إن تلك الذبائح والحملان كانت تقدم للتكفير عن الخطايا، ولكنها في الوقت نفسه كانت تشير أو بالأحرى ترمز إلى المسيح، الذي سفك دمه بدلاً عن الخطاة. ويقول الكتاب المقدس: "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عبرانيين 9: 22). فالمسيح الذي يُشار إليه بأنه "حمل الله" الذي تنبأ عنه أنبياء العهد القديم بأنه مسيح الله، وهو الذي وعد الله بإرساله، ليضع حداً لعهد الذبائح والمحرقات، ويفتدي العالم بذبيحة واحدة هي المسيح نفسه. ويشير الكتاب المقدس إلى المسيح، بقوله: "هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يوحنا 1: 29). ويقول أيضاً، إن الرب أعدّ المسيح ليكون ذبيحة تبطل ذبائح العهد القديم فنقرأ ما يلي: "اسكت قدام السيد الرب لأن يوم الرب قريب، لأن الرب قد أعدّ ذبيحة قدس مدعويه" (صفنيا 1: 7). وقد تمت هذه الذبيحة بموت المسيح على الصليب حسب قول الكتاب المقدس "فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة" (عبرانيين 10: 10). 

تأكيدات من الكتاب المقدس تشير إلى أن موت المسيح بقصد خلاص الجنس البشري من الخطية 

"الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (أي على الصليب)، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر، الذي بجلدته شفينا" (1بطرس 2: 24). وأيضاً قول الله تعالى: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذلك ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 16). وهكذا علينا أن ندرك أنه في عملية صلب المسيح، تمت المصالحة بين الله القدوس والإنسان الخاطئ. والدليل على ذلك ما ورد في رسالة بولس: "كان الله في الصليب مصالحاً الكل لنفسه.. عاملاً للصلح بدم صليبه بواسطته" (كولوسي 1: 20). ولهذا السبب كان من الضروري أن يموت المسيح على الصليب من أجل الخطاة، كما أن ذلك كان بترتيب من الله. وقد أطاع المسيح ذلك الترتيب، فنقرأ عن المسيح ما يلي: "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً، الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض، ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فيلبي 2: 5-11). 

هل هناك علاقة بين تعاليم الدين المسيحي وتتميم شعائر العهد القديم بالنسبة لصلب المسيح؟ 
يُعتبر موت المسيح على الصليب نقطة أساسية بالنسبة للعقيدة المسيحية، لأنه بواسطة موته أزال الحواجز بين الله القدوس والإنسان الخاطئ. لقد كان موته كفارة عن خطايا البشر، وهو يتمم شعائر العهد القديم ويضع حداً لها، ولفهم هذا الموضوع بطريقة أوضح، لابد من الرجوع إلى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. لقد كانت نبوات وشعائر العهد القديم ترمز بشكل أو بآخر إلى المسيح وعمله الفدائي، وقد تمت هذه النبوات بمجيئه ومن ثم بفدائه. فعندما جاء يسوع أعلن أنه لم يأتي لينقض بل ليكمل (متى 5: 17). وقد أكمل المسيح بمجيئه كل ما هو ناقص، ولا سيما عمل الفداء العظيم الذي اكتمل بموته على الصليب. 

فموضع الكفارة من أساسه يدور حول موضوع الخطية والتبرر منها، أي الخلاص من الخطيئة. وموضع الخطيئة هذا قديم قِدَم الإنسان، إذ أن الخطية دخلت إلى العالم بواسطة آدم الأول الذي عصى أمر الله. والعصيان هو عدم إطاعة أوامر الله أو عدم السلوك حسب شرائعه، وبما أن الله قدوس، فهو يكره الخطية ويعاقب عليها. ومع أنه رحيم محب، إلا أنه إله عادل أيضاً، وعدله يقضي بأن "النفس التي تخطيء هي تموت" (حزقيال 18: 20). "لأن أجرة الخطية هي موت" (رومية 6: 23). 

وللتكفير عن الخطايا، كانت شعائر العهد القديم ترتكز على تقديم الذبائح والمحرقات لأنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عبرانيين 9: 22). وعلى هذا الأساس كانت تقدم القرابين بعد سفك دمها كعلامة للتوبة، وللحصول على المغفرة 

وبالرجوع إلى العهد القديم من الكتاب المقدس، نلاحظ في سفري الشريعة أو الناموس المعروفين بسفرّي "اللاويين" و"العدد". بأن كل من يعمل واحدة من الأمور التي ينهي عنها الله يخطئ، وعليه أن يتحمل نتيجة خطيته، وقد ورد في الكتاب المقدس ما يلي: "وإذا أخطأ أحد وعمل واحدة من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها، ولم يعلم كان مذنباً وحمل ذنبه" (لاويين 5: 17). أي أنه يتحمل مسئولية خطيته. فكان الناس في العهد القديم يحاولون التكفير عن خطاياهم بواسطة الذبائح والمحرقات، ومنها الحملان والتيوس والثيران وغيرها. هذا بالنسبة للعهد القديم أي ما قبل المسيح، ولكن اللاهوت المسيحي يشير إلى أن هذه الذبائح كلها كانت مجرد رموز ترمز إلى المسيح "لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا" (عبرانيين 10: 4). 

فالسيد المسيح أتم ناموس الذبائح وأبطل عهدها بتقديم نفسه كذبيحة، أو بسفك دمه الكريم على الصليب مرة واحدة من أجل الخطاة (عبرانيين 7: 27). ويقول الكتاب المقدس بهذا الصدد إن المسيح قام بعمل المصالحة بين الله القدوس والإنسان الخاطئ، "عاملاً الصلح بدم صليبه" (كولوسي 1: 20). وقوله أيضاً عن المسيح: "الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا" (أفسس 1: 7). "إنكم افتديتم لا بأشياء تفنى، بفضة أو ذهب، بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب، هو دم المسيح" (1بطرس 1: 18-19). وقوله أيضاً عن المسيح: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يوحنا 1: 29). وأيضاً "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة" (1بطرس 2: 24). فبموت المسيح على الصليب أكمل ناموس الذبائح بتقديم نفسه كذبيحة. ولهذا لم يعد من الضروري أن يقدم الناس الذبائح للخلاص من الخطية، لأن المسيح "بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1تيموثاوس 2: 6). وهكذا نرى، أنه بواسطة موت المسيح على الصليب انتهى عهد الذبائح، لأنه كان الذبيحة الأخيرة المرتبة من الله. فالمسيح مات لأجل الخطاة. وقام فيما بعد ليمنحهم الحياة، فكل من يؤمن به يخلص ويحصل على الحياة الأبدية. 

+ هل صلب المسيح نفسه، أم أن شخصاً آخر يشبهه صُلب بالنيابة عنه؟ 

كان المسيح هو الشخص الحقيقي الذي علّق على الصليب. ولا يعقل أن يكون الله اختار شخصاً آخر ليموت بدل المسيح لأن في ذلك طعناً في محبة الله وعدالته ومعرفته، كما أن ذلك طعن في شهادة المسيحيين أتباع يسوع الذين عرفوه شخصياً، وآمنوا به وشاهدوه بأم أعينهم معلقاً على الصليب. وأنزلوه بأيديهم على الصليب. ولو أنكرنا هذا، لكان ذلك طعناً بالتواتر، والطعن بالتواتر يوجب الطعن بنبوة كافة الأنبياء وهذا لا يجوز. كما أن شهادات رؤساء اليهود وهم أعداء المسيح، كلها تشير إلى صلب المسيح. وبهذا الصدد نؤكد أن شهادات رؤساء اليهود وهم أعداء المسيح، كلها تشير إلى صلب المسيح، وبهذا الصدد نؤكد مرة ثانية بأن إيمان المسيحيين يرتكز على موت المسيح الفدائي، وغلبته على الخطية والشر ثم قيامته المجيدة من بين الأموات في اليوم الثالث. 

******************************************** 

لماذا صلب المسيح؟

في الواقع أن الصليب هو تجسيد لعدالة الله المطلقة، ولحكمته ومحبته، ولكمال صفاته الإلهية حتى إنه من المؤسف حقاً أن بعض المغرضين يرون في صليب المسيح ما يتنافى مع العدالة الإلهية، زاعمين أن في الصليب تذنيباً للبريء وتبريئا للمذنب. والحقيقة أنه في الصليب تتجلى حكمة الله وقوة الله حتى تبيد كل حكمة الحكماء ويُرفض فهم الفهماء. فالرسول بولس يقول "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالةٌ وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوَّة الله. لأنه مكتوبٌ سأُبيد حكمة الحكماءِ وأرفض فهم الفهماءِ. أين الحكيم. أين الكاتب. أين مباحث هذا الدهر." 

وللتأكيد نقول إنه مكتوب في الوحي المقدس في سفر الأمثال هذه الآية "مبرّئُ المذنب ومذنّب البرئَ كلاهما مَكرَهة الرب." وحاشا لله أن يفعل ما يكرهه. ونحن إذ نتناول موضوع الصليب بالتأمل يجب علينا أولاً أن نخلع أحذيتنا من أرجلنا ونتسربل بالتواضع لأن الموضع الذي نحن واقفون عليه أرض مقدسة.. ولنطلب من المسيح "المذَّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم." أن يكشف عن أعيننا "لمعرفة سرّ الله الآب والمسيح" 

أولاً: 
***** 
نقول إن المسيح البار لو كان قد أُجبر على حمل دينونة الناس الأشرار ومات ضد إرادته لكان ذلك فعلاً منافياً للعدالة، أما وأن الرب يسوع قد اختار برغبته وبدافع محبته أن يحمل عار البشر وخطيتهم فإننا نرى في صلبه عدالة الله الكاملة لأنه إذ سبق وأعلن أن أجرة الخطية موت، لم يخفف هذه الأجرة على ابنه الوحيد الحبيب حين "وضع عليهِ إثم جميعنا." لكي يصير "لجميع الذين يطيعونهُ سبب خلاصٍ أبدي" 

يخطئ الناس إذ يظنون أن الرب يسوع قد صُلب كشهيد لأن تعاليمه تعارضت مع تقاليد المجتمع، وينسون أنه مات كفادٍ لأنه "كان قد أحبَّ خاصَّتهُ الذين في العالم أحبَّهم إلى المنتهى." فالمسيح لم يمت شهيداً كأنه عن ضعف، لكنه مات حباً لخاصته ليقدم الفداء للكنيسة لكل من يؤمن به وقد شهد المسيح نفسه مؤكداً ذلك بالقول "لهذا يحبُّني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً. ليس أحدٌ يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطانٌ أن أضعها ولي سلطانٌ أن آخذها أيضاً." وهنا نرى أن المسيح بسلطانه اختار أن يضع نفسه ولم يأخذها أحد منه.. وإذ حاول بطرس مساعدة المسيح بسيفه قال له يسوع "رُدَّ سيفك إلى مكانهِ... أَتظنُّ أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدّم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة. فكيف تُكمَّل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون" 

ثانياً: 
**** 
يظن البعض أن موت المسيح جاء حدثاً فجائياً غير متوقَّع بالنسبة له وينسون أن دم المسيح مكتوب عنه "عالمين أنكم افتديتم ... بدمٍ كريم كما من حملٍ بلا عيب ولا دنس دم المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم ولكن قد أُظهِر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم" والعهد القديم يؤكد لنا ذلك أيضاً إذ تنبأ عن تجسد المسيح وعن صلبه قبل أن يتم بآلاف السنين، فالذبائح كلها ترمز إلى ذبيحة المسيح وعيد الفصح الذي يُرش فيه دم شاة صحيحة "على القائمتين والعتبة العليا" إنما يرمز إلى دم المسيح الذي يحمي من الهلاك ونلاحظ أن الدم لم يكن يُرش على العتبة السفلى لأنه يرمز إلى دم ابن الله الذي لا يصح أبداً أن يُداس. وفي بداءة الخليقة حين سقط آدم وحواء وحاولا أن يسترا عورتهما بورق التين أعلن لنا الله عن تدبيره لخلاصنا في ذبيحة المسيح إذ كسى عورتهما بجلد حيوان ذُبح لأجل هذا الغرض. وحين قبل الله ذبيحة هابيل ورفض تقدمة قايين إنما كان يعلن أن خلاصنا يتم عن طريق الذبيحة وليس عن طريق التقدمات أو الأعمال. 

وفي الأنبياء لا سيما اشعياء نجد نبوات واضحة وصريحة عن صليب المسيح قبل أن يحدث بمئات السنين. كم من مرة أعلن المسيح نفسه لتلاميذه عن موته وقيامته، مكتوب "وفيما كان يسوع صاعداً إلى أورشليم أخذ الاثني عشر تلميذاً على انفرادٍ في الطريق وقال لهم. ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يُسلَّم إلى رؤَساءِ الكَهَنة والكَتَبة فيحكمون عليهِ بالموت. ويسلّمونه إلى الأمم لكي يهزأُوا بهِ ويجلدوهُ ويصلبوهُ. وفي اليوم الثالث يقوم" وقال المسيح لنيقوديموس "وكما رفع موسى الحيَّة في البرّية هكذا ينبغي أن يُرفَع ابن الإنسان" وقال المسيح أيضاً لليونانيين "الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرَح رئيس هذا العالم خارجاً. وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع. قال هذا مشيراً إلى أيّة ميتةٍ كان مزمعاً أن يموت." وهذه الآية ترينا أن المسيح قد اختار أن يرتفع عن الأرض ويُعلّق على الصليب ليجذب إليه الجميع، جميع من يؤمنون به. 

في فيلبي نقرأ هذه الآية الجميلة عن المسيح "الذي إذ كان في صورة الله لم يَحسِب خلسةً أن يكون معادلاً لله لكنهُ أخلى نفسهُ آخذاً صورة عبدٍ صائراً في شبه الناس. وإذ وُجِد في الهيئة كانسانٍ وضع نفسهُ وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفَّعهُ الله أيضاً وأعطاهُ اسماً فوق كل اسمٍ" 

كان من المستحيل أن نُرضي الله بتقدماتنا وأعمالنا وجهودنا لأن الله قدوس وقداسته لا تسمح بوجود ذرة من الخطية في محضره، وبالتالي لم يكن هناك بدُّ من أن يغسلنا المسيح من خطايانا ويحملها عنا ليعطينا برَّه وكماله لِنُقبل من الله. 

ثالثاً: 
***** 
الصليب يعلن لنا عدالة الله أيضاً لأنه كان الطريقة التي هزم بها الله الشيطان، وفتح بها الطريق للإنسان ليعود إلى محضر الله ويعود للشركة مع الله، بل لينال "شركة الطبيعة الإلهية" بعد أن أغواه وأسقطه الشيطان في الخطية التي فصلته عن الله كما هو مكتوب في سفر اشعياء "آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع." وأغلق الشيطان على الإنسان تحت سلطان الخطية والظلمة، لكن الكتاب يقول "شاكرين الآب الذي أهّلنا لشركة ميراث القديسين في النور الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته" والرسول يوحنا يقول "لأجل هذا أُظهِر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس." والرسول بولس يقول "وإذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغَلَف جسدكم أحياكم معهُ مسامحاً لكم بجميع الخطايا. إذ محا الصكَّ الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدَّاً لنا وقد رفعهُ من الوسط مسّمراً إياهُ بالصليب. إذ جرَّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه" وهكذا حقق المسيح الوعد القديم أن نسل المرأة يسحق رأس الحية 

ظن الشيطان أنه بسحق عقب المسيح وموته على الصليب قد انتصر الانتصار النهائي على الله وعلى ابنه وعلى كل خطته ومحبته لخليقته، ولم يدرِ أن هذا الصليب كان حيث تمت هزيمته هو. فالصليب كان الطريقة التي استخدمها الله ليبيد الشيطان ويجرده من سلطانه… مكتوب في رسالة العبرانيين "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" ذلك لأن المسيح اذ ارتفع عن الارض قد رفع خطية الإنسان وأعاد الشركة بين الإنسان وبين الله ورد الإنسان إلى ملكوت الله. 

لذلك فنحن نرى أن في هذا الارتفاع على الصليب دينونة للعالم وطرح لرئيس هذا العالم خارجاً مهزوماً، ففكر الله من وراء الصليب ليس مجرد استبدال موضع البري بالمذنب والمذنب بالبريء بل هو عمل أعظم بكثير من إدراك عقولنا عمله المسيح بدافع محبته ليدين ويطرح رئيس هذا العالم خارجاً وليفدي الكنيسة ويجذبها إليه.. 

لكل ذلك كان لابدّ أن يموت المسيح وموتهُ لم يكن متنافياً مع عدالة الله بل جاء مؤكداً لها لذلك يقول الكتاب "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمينٌ وعادلٌ حتى يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كلّ إثمٍ." فالله يغفر خطايا التائبين المعترفين بخطيتهم والواثقين في كفاية ذبيحة المسيح على أساس أمانته وعدالته. فتعال إليه بكل خطاياك وأثقالك وضع ثقتك في عمله الكفاري الكامل لأجلك على الصليب ، و نل هبة الحياة الأبدية و مغفرة الخطايا ..و ستنعم روحك بسلام لم تختبره من قبل فنعمة المسيح سكنت فيك 

صلاة : 
ايها الرب يسوع 
اعترف لك بخطيئتي وكما اني اعترف انني لا استطيع ان اخلص نفسي بنفسي 
لذلك تعال الان يا رب يسوع وادخل الى قلبي وطهرني من خطيتي 
انت يا رب يا رب يسوع يا من هو اصدق القائلين 
وعدتني في الكتاب المقدس ان كل من يقبلك تعطيه سلطان ان يكون من اولاد الله 
ها انا طلب منك ان تدخل قلبي وتجعلني خليقه جديده 
آمين

0 التعليقات:

إرسال تعليق